جـ- الإخلاص
معنى الإخلاص هو أن يكون كل ما تعمله أو تتركه من عمل في سبيل اللّٰه. والأنبياء أشخاص وصلوا إلى مرتبة الإخلاص منذ بداية مهمتهم. نعم إن الأشخاص العاديين يمكنهم أن يصلوا إلى درجة معيَّنة من مرتبة الإخلاص إن هم بذلوا جهدهم، إلا أن النهاية التي يصلونها هي درجة البداية عند الأنبياء. فكأنهم هم لب الإخلاص وجوهره... لذا، فهم من مرتبة "المخلَصين". ويشير القرآن الكريم إلى هذه الدرجة من الإخلاص فيالأنبياء ويذكر أسماء بعضهم كنماذج لهذه المرتبة السامية: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً﴾ (مريم:51). ويقول عن يوسف : ﴿إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف:24). ويخاطب أمة رسول اللّٰه في شخص رسول اللّٰه فيقول: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللّٰهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾ (الزمر:2). ويطلب منه أن يذكر ويقول: ﴿قُلِ اللّٰهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي﴾ (الزمر:14).
وسبب العبودية راجع لأمر اللّٰه تعالى، ونتيجتها رضا اللّٰه وثمرتها في الآخرة. وهذه العبودية تحتضن الحياة بأكملها ويبدو تأثيرها ومفعولها في جميع تصرفات العبد وسلوكه.
يقول مفكر العصر وهو يعرِّ ف الإخلاص ويبين أهميته:
"فيا نفسي!! إن كنت تأبين أن تكوني مثل الأحمق الأبله، فأعطي باسم اللّٰه... وخذي باسم اللّٰه... وابدئي باسم اللّٰه... واعملي باسم اللّٰه... والسلام."( ) والإخلاص هو عنوان الإنسان المستقيم، فالمخلص لا يعرف الطرق الملتوية؛ لأن حياته المعنوية والروحية حياة مستقيمة وهي في ارتقاء دائما نحو السمو؛ ومن ثم فهؤلاء يحافظون على طهارة الإخلاص الذي بدأوا به حياتهم... ولكن ما أقل أمثال هؤلاء!
هناك شخصية فريدة فقط في تاريخ الإنسانية وصلت إلى سامق قمة الإخلاص وإلى شاهق ذروتها، وإلى الأفق الذي لا أفق بعده... وهو سيدنا رسول اللّٰه ... كيف لا؟ وهو الذي لا تجد فرق قيد شعرة بين إخلاصه وتواضعه في أول يوم لبدء دعوته وإخلاصه وتواضعه وهو يدخل مكة فاتحاً.
لقد تم فتح مكة صلحا، هذا إذا استثنينا بعض الحوادث المنفردة التي لا يصح تشميلها. وعندما دخل فخر الكائنات إلى تلك المدينة المباركة التي أخرج منها قبل سنوات، لم يدخلها بصورة القائد الفاتح الظافر، بل دخلها وقد حنى رأسه حتى كاد يلامس ظهر بغلته.( )
وفي المدينة لم يغير سلوكه قط. فها هم الصحابة كانوا يقومون أجلالاً له عند دخوله عليهم... كان يجب أن يقوموا... بل لو مرّ على ميت لكان عليه أن يهبّ من رقدته ويقف أجلالاً له؛ فقد كان أهلاً لكل احترام وتوقير وتبجيل، ولكنه لم يكن يرضى لصحابته القيام إذ يضيق صدره فيقول لهم منبِّهاً:
«لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظِّمُ بعضها بعضاً.»( )
أجل، فلقد أتم مهمته المقدسة بنفس السلوك الذي بدأ به؛ إذ مرت سنوات حياته مثل لحن متناغم، فما كان يبدأ بعمل شيء إلا أتمه، وقد كان هذا نجاحاً منقطع النظير... ويمكن القول أنه بدأ اللحن الإلهي بعزف الطبقات الهادئة من الموسيقى التي سرعان ما تصاعدت حتى تزلزلت منها الأرض والسماء.
لقد نذر حياته كلها ونفسه في عبودية خالصة للّٰه... حتى فاضت نفسه بمعرفته... لقد سرح ناظريه في آثار خلقه وعظمته فامتلأت روحه باللذائذ المعنوية حتى أترعت.. فصحا على الحقيقة وفتح أشرعة قلبه نحو الحق، ولم يفتُر أبداً عن ذكر اللّٰه... ذلك لأنه كان رجل إخلاص وتجرد، وكان شعور الإحسان عنده يُضيف له بُعداً آخر، فقد عرّفه بقوله: «أن تَعْبد اللّٰه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.»( )
معنى الإخلاص هو أن يكون كل ما تعمله أو تتركه من عمل في سبيل اللّٰه. والأنبياء أشخاص وصلوا إلى مرتبة الإخلاص منذ بداية مهمتهم. نعم إن الأشخاص العاديين يمكنهم أن يصلوا إلى درجة معيَّنة من مرتبة الإخلاص إن هم بذلوا جهدهم، إلا أن النهاية التي يصلونها هي درجة البداية عند الأنبياء. فكأنهم هم لب الإخلاص وجوهره... لذا، فهم من مرتبة "المخلَصين". ويشير القرآن الكريم إلى هذه الدرجة من الإخلاص فيالأنبياء ويذكر أسماء بعضهم كنماذج لهذه المرتبة السامية: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً﴾ (مريم:51). ويقول عن يوسف : ﴿إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف:24). ويخاطب أمة رسول اللّٰه في شخص رسول اللّٰه فيقول: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللّٰهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ﴾ (الزمر:2). ويطلب منه أن يذكر ويقول: ﴿قُلِ اللّٰهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي﴾ (الزمر:14).
وسبب العبودية راجع لأمر اللّٰه تعالى، ونتيجتها رضا اللّٰه وثمرتها في الآخرة. وهذه العبودية تحتضن الحياة بأكملها ويبدو تأثيرها ومفعولها في جميع تصرفات العبد وسلوكه.
يقول مفكر العصر وهو يعرِّ ف الإخلاص ويبين أهميته:
"فيا نفسي!! إن كنت تأبين أن تكوني مثل الأحمق الأبله، فأعطي باسم اللّٰه... وخذي باسم اللّٰه... وابدئي باسم اللّٰه... واعملي باسم اللّٰه... والسلام."( ) والإخلاص هو عنوان الإنسان المستقيم، فالمخلص لا يعرف الطرق الملتوية؛ لأن حياته المعنوية والروحية حياة مستقيمة وهي في ارتقاء دائما نحو السمو؛ ومن ثم فهؤلاء يحافظون على طهارة الإخلاص الذي بدأوا به حياتهم... ولكن ما أقل أمثال هؤلاء!
هناك شخصية فريدة فقط في تاريخ الإنسانية وصلت إلى سامق قمة الإخلاص وإلى شاهق ذروتها، وإلى الأفق الذي لا أفق بعده... وهو سيدنا رسول اللّٰه ... كيف لا؟ وهو الذي لا تجد فرق قيد شعرة بين إخلاصه وتواضعه في أول يوم لبدء دعوته وإخلاصه وتواضعه وهو يدخل مكة فاتحاً.
لقد تم فتح مكة صلحا، هذا إذا استثنينا بعض الحوادث المنفردة التي لا يصح تشميلها. وعندما دخل فخر الكائنات إلى تلك المدينة المباركة التي أخرج منها قبل سنوات، لم يدخلها بصورة القائد الفاتح الظافر، بل دخلها وقد حنى رأسه حتى كاد يلامس ظهر بغلته.( )
وفي المدينة لم يغير سلوكه قط. فها هم الصحابة كانوا يقومون أجلالاً له عند دخوله عليهم... كان يجب أن يقوموا... بل لو مرّ على ميت لكان عليه أن يهبّ من رقدته ويقف أجلالاً له؛ فقد كان أهلاً لكل احترام وتوقير وتبجيل، ولكنه لم يكن يرضى لصحابته القيام إذ يضيق صدره فيقول لهم منبِّهاً:
«لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظِّمُ بعضها بعضاً.»( )
أجل، فلقد أتم مهمته المقدسة بنفس السلوك الذي بدأ به؛ إذ مرت سنوات حياته مثل لحن متناغم، فما كان يبدأ بعمل شيء إلا أتمه، وقد كان هذا نجاحاً منقطع النظير... ويمكن القول أنه بدأ اللحن الإلهي بعزف الطبقات الهادئة من الموسيقى التي سرعان ما تصاعدت حتى تزلزلت منها الأرض والسماء.
لقد نذر حياته كلها ونفسه في عبودية خالصة للّٰه... حتى فاضت نفسه بمعرفته... لقد سرح ناظريه في آثار خلقه وعظمته فامتلأت روحه باللذائذ المعنوية حتى أترعت.. فصحا على الحقيقة وفتح أشرعة قلبه نحو الحق، ولم يفتُر أبداً عن ذكر اللّٰه... ذلك لأنه كان رجل إخلاص وتجرد، وكان شعور الإحسان عنده يُضيف له بُعداً آخر، فقد عرّفه بقوله: «أن تَعْبد اللّٰه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.»( )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق