الأحد، 7 مارس 2010

من هنا وهناك مقالة للدكتور إبراهيم حمّامي عن الوضع الفلسطيني


(1)
سوسو الوحش وفوفو البطل

بين عباس وفياض – لا بارك الله في كليهما – يجري سباق محموم وتنافس مذموم في اثبات انهم " رجل المرحلة"، وفي استرضاء "الراعي" لعملية السلام المزعوم.

الوحش عبّاس يطوف العالم ويصرح أنه ضد المقاومة ولن يسمح بانتفاضة جديدة وبأن الكفاح المسلح "خرب بيتنا" ويهاجم تاريخ الشعب الفلسطيني ونضاله، ولا يفتأ يذكر بمواقفه المخزية من السلام المزعوم، ولا يفوته التلويح بالاستقالة والتنحي – ليته يفعل – إن لم تحقق العملية اياها المطلوب، وفي سبيل ذلك يقدم التنازل تلو التنازل عن مواقفه التي طلبها بنفسه، معلناً استعداده للعودة إلى طاولة التنازلات حتى لو "تكرّم" عليه نتن ياهو بوقف مؤقت للاستيطان!

أما البطل فيّاض فقد اخترق حصون العدو وذهب لعقر دارهم التي يرسمون فيها سياساتهم الأمنية ليقول أنهم مع السلام والدولة وغيرها من الشعارات البالية، وليصرّح تصريحات "بطولية" نارية بأن الأغوار مثل القدس، وبأن كذا خط أحمر وآخر خط أصفر، وليفتتح مشاريع (..) على طريق بناء الدولة التي بشر العام الماضي أنها ستكون خلال عامين.

وبين سوسو الوحش وفوفو البطل يتغنى المطبلين والمزمرين والمبررين لكل جريمة وخيانة، لم يعد لدى هؤلاء خطوط حمراء ولا صفراء، عبّاس أبو الوطنية وفيّاض بن غوريون "تاعنا"، وكل فعل أو قول منهما يلقى القبول والتمجيد .. ألا شاهت الوجوه.

(2)
بين التمثيل والتدجيل

قبل يومين اجتمع أعضاء المنظمة البالية مع بعضهم البعض، وأجروا انتخابات داخلية ليفوزوا على أنفسهم فيما يسمونها نقابة الصحفيين الفلسطينيين!

طبلت احدى الوكالات المستقلة جداً "معهم" وأفردت الصفحات والتقارير، لتعلن فوز قائمة منظمة التحرير "اياها" على قائمة المستقلين، إلى هنا والخبر المضحك جداً عادي وتعودنا عليه من الوكالة المستقلة جداً.

لكن رئيس التحرير ومدير التحرير وغيرهم لم يخبرونا كيف أن قائمة منظمة التحرير الفلسطينية العظيمة والتي تدعي تمثيلها الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني – وهذا ليس صحيح – نافست فلسطينياً آخر مستقل " ليس حماس أو جهاد بالمناسبة، وفازت عليه أو على قائمته وهو بحسب زعمهم و"غصباً عنه" تحت مظلة المنظمة وتمثيلها المزعوم؟

أليس غريباً أن الممثل الشرعي والوحيد حسب ادعائه يقف في وجه من يتبع له كما يدعون ويتنافس معه ويفوز عليه؟ أم أنه في سبيل شرعنة الانتخابات "المسخرة" لا بأس من تنحية الشرعية عن المنظمة، وبتآمر لا نتوانى عن وصفه بالمهين من قوى اليسار والمستأجرة من قبل من يختطف قرار المنظمة وفتح، لكن "معلش" راتب آخر الشهر "بيطير" لو لم يتم "تطيير" قائمة المنظمة وتمريرها.

أما الصحافة والصحفيين، فعندهم الخبر اليقين عن حقيقة التمثيل والتدجيل.

(3)
كذبوا الكذبة وصدقوها

يخرج علينا بين الفينة والأخرى "ناطق" من ناطقي حركة فتح المختطفة، من الذين عينهم دحلان – ما غيرو- بعد أن استلم ملف الاعلام لحركة فتح المختطفة، يخرجون تباعاً ليكرروا رفضهم وادانتهم وتنديدهم واستنكارهم لمواقف أطراف فلسطينية أخرى، من قبيل رفضهم للدولة المؤقتة التي تطرحها حماس (كررها عباس أكثر من مرة)، أو الطلب من حكومة غزة التأسي بالقدوة الحسنة لحكومة فياض في الضفة وسجلها في الحريات العامة (تصريح جمال نزال)، أو قمع المقاومين في غزة وملاحقتهم (دحلان وآخرين)، وغيرها من الأكاذيب التي يطلقونها ويكررونها حتى تصبح من المسلمات لديهم.

الغريب أنهم هم أنفسهم يمارسون ما يتهمون الغير به، لكنهم يتحدثون بمنطق الشريف العفيف الحريص على مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته، تماماً كنشرهم لصور الشيخ الجليل يوسف القرضاوي وهو يُصافح يهوداً لا يؤيدون دولة الاحتلال، تلك الصور التي تنشر في رام الله وعاى لوحات اعلانها، وعند سؤال "مسؤوليهم" يقولون أنه لا علم لهم بها، أو في أحسن الأحوال لا علاقة لهم بها.

يكذبون الكذبة على غيرهم، لكنها حقيقة واقعة ومعاشة يومياً عندهم، ربما لهذا السبب عندما يكذبون يظنون أنهم يصدقون، نقول ربما!

(4)
كنافة وكوفية

دخلنا موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية ولله الحمد، بجهود وبركة حكومة صاحب الرفعة والشأن ملك العصر والزمان، محقق تنمية الضفة والأمان، كيف لا وبعد "سدر" الكنافة الأكبر في تاريخ مدينة نابلس والعالم، ها نحن على موعد مع أكبر كوفية في التاريخ، وعيش يا شعب على انجازات السلطة العظيمة.

نابلس التي كانت العاصمة الاقتصادية للضفة، والتي نُكبت بعد دخول "التوانسة" إليها في تسعينيات القرن الماضي، وتحولت إلى ما يشبه بقايا اقتصاد مدينة، عليها اليوم أن تفاخر بدخول غينيس، حتى وان كان الاحتلال يستبيحها ليل نهار، وحتى وان كانت أحذية الاحتلال تكمل دور الاحتلال.

حتى لا نتهم بأننا ضد الثقافة والحضارة والتراث، نقول أن أصحاب الفكرة ومنفذيها لهم كل الاحترام والتقدير على محاولاتهم الناجحة سابقاً، واللاحقة أيضاً، لكن أن تُفاخر عصابة المقاطعة السوداء بتلك الانجازات وهي تغرق الضفة بعفنها وفسادها وقمعها وخرقها لكل المحرمات، فهو ما لا يمكن تقبله.

شعبنا لا يسعى لأمن اقتصادي ورفاهية فقط كما يصور فيّاض ومطبلوه الجدد، لكنه يسعى لحريته أولاً وقبل كل شيء، حريته من الاحتلال وأمثال عباس وفياض، وإلا لكانت أيام الازدهار الاقتصادي قبل وصول أزلام السلطة البائسة وفي ظل الاحتلال أقصى ما يتمناه شعبنا، وهذا غير صحيح.

(5)
لجنة وتقرير

ما زلنا ننتظر وبعد أشهر وليس أسابيع نتائج تحقيق اللجنة التي شكلها عبّاس، لجنة لم نشك للحظة أنها تقررت فقط لذر الرماد في العيون، ولاطفاء الثورة العارمة في وجه عبّاس ومن معه، بعد جريمتهم في جنيف بتأجيل تقرير غولدستون.

طبعاً وقاحة عبّاس المعهودة لم تمنعه من المزاودة على الجميع في موضوع التقرير، ليصرّح أنه الوحيد الذي يتابع التقرير، وبأن موقفه كان الأسلم والأصوب يومها، رغم كل أدلة الادانة ضده وضد رهطه.

عبّاس قال في حينها أنه سيتحمل المسؤولية كاملة إن أدانته اللجنة، وأنه سيتعامل بشفافية كاملة مع نتائج تحقيقها، معلناً أنه منحها الصلاحيات الكاملة، هكذا قال في حينها!

رئيس اللجنة حنا عميرة وعضوها عزمي الشعيبي أكدوا في تصريحات واضحة لا تقبل اللبس والتأويل، أن عبّاس ونمر حمّاد يتحملان مسؤولية تأجيل التقرير وأن الدول العربية والاسلامية تبنت مشروع السلطة في هذا الشأن، خلافاً لما سبق وأعلنه عباس أن الدول العربية والاسلامية هي من يتحمل المسؤولية.

عبّاس اليوم وبعد انفضاح أمره وأمر كذبه "يغطرش" على اللجنة وتقريرها، تماماً كما فعل مع لجان تحقيق أخرى، وبعد كل هذا يدعي الشرف والنزاهة والشفافية!
لا نامت أعين الجبناء

د. إبراهيم حمّامي
DrHamami@Hotmail.com
9/2/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق